أصغوا إلى أولادكم بإمعان وعلقوا باختصار ولا تتسرعوا بردة الفعل

تدريجياً يكبر الصغار وتكبر مشاكلهم وتكثر تساؤلاتهم ،والأهل هم الصدر الرحب الذي يجب أن يستوعب شؤونهم وشجونهم ويحتضن أسرارهم ،وكل هذا بكلمة ، بلفتة ،بابتسامة و.. بذكاء .

ثقة أطفالكم بنفسهم هي نتيجة ثقتهم بكم وثقتكم بهم . تحلمون جمعيكم بالتقرب من أولادكم " الأخذ والعطاء" معهم ،وهذا بالطبع ليس سهلاً أبداً ،وإنما يستلم العمل الدؤوب والمستمر لجعلهم يتقربون منكم وينفتحون عليكم ولا يخشون إفشاء أسرارهم لكم .
تلجأ بعض الأمهات وخصوصاً المثقفات إلى علماء الإجتماع ويبحثن من دون هوادة عن الأسلوب الأفضل الذي يجعل بناتهن وصبيانهن يقولن " عا لعالي" ما يفكرون به ضمناً ،وهن يستندن في محاولاتهن إلى أنهن لن يستطعن مساعدة فلذات أكبادهن إذا لم يفهمن ماذا يفكرون ولم يبنين جسر ثقة بينهن وبينهم . وفي هذا الإطار ثمة خصائص أو بالأصح ركائز تشكل جسر العبور بين الإنغلاق والإنفتاح داخل الأسرة الواحدة .

أصغوا بإمعان وعلقوا باختصار
فلنفترض أن ولدكم فوضوي وهو لم يتجاوز الثمانية أعوام بعد ،وفي أحد الأيام تجرأ ونقل إليكم فحوى خلاف جرى بينه وبين رفيقه في أوتوبيس المدرسة . لا تتسرعوا وتعلقوا على الموضوع لئلا تخطئوا ،حولوا أن تفهموا لماذا أخبركم بما حصل معه وماذا يتوقع منكم والأهم لا تحاولو، أبدا توبيخه أو انتقاده. استمعوا إليه حتى النهاية وعلقوا على الموضوع بشكل ذكي يعبر عن أسفكم لما حصل واختاروا التعليقات القصيرة مثل " صحيح "أو حتى اكتفوا بهز رؤوسكم لأن هذه الحركة تشجع ولدكم على المضي في الكلام و ربما يتوصل بنفسه إلى خلاصة لما حصل معه .
الإصغاء بعمق إلى الطفل ومنحه فرصة التفكير بما حصل معه بصوت عال، وشعوره بأنكم إلى جانبه في جميع الحالات والظروف يمنحه ثقة عالية بنفسه ويعتاد تدريجياً على حسن اختيار خطواته أولاً والإعتماد عليكم في أوقات الحشرة ثانياً. وتذكروا شيئاً مهماً وهو أن الأطفال الذين يثقون بأنفسهم هم أكثر انفتاحاً على الآخرين .

الكلام المباح بعفوية وبساطة
عبثاً تحاولون فتح حديث مجد مع ولدكم المراهق بأن تستهلوا الحوار مثلا بكلمة ":" فلنتحدث".
الكلام قد ينساب بسهولة أكبر وبساطة ومن دون مقدمات إذا عمدتم إلى مرافقته إلى النادي مثلا أو إلى حوض السباحة أو شاهدتم معه مباراة في كرة السلة أو ربما خلال التنزه في السيارة أو حتى غسل الصحون . الكلام في مثل هذه الظروف يصدر بعفوية أكثر ولا يشعر ولدكم بأنه مجبر على الكلام .

" لا " لصيغة الأمر
إذا قررتم توجيه سؤال ما إلى ولدكم لا تفعلوا بصيغة الأمر وإنما بشكل أكثر سلاسة ،وفي هذا الإطار نذكر حالة صبي يبلغ العاشرة من العمر فقد والده في حادثة وكان متعلقاً به جداً ورفض كلياً أن يتحدث في الموضوع أو مناقشته حتى مع والدته . وعبثاً حاولت الأخيرة ذلك من دون جدوى .وبناء على نصيحة الطبيب توقفت عن ذلك وعمدت إلى مشاركته بجمع الأشياء والحاجيات التي كان يحبذها الوالد . وتدريجياً تكلم الولد وعبّر وحده من دون إلحاح من أحد عن حزنه الكبير وشعوره بالكآبة .
أن تستهلوا الكلام بعبارة لماذا أو كيف أو أين (؟) كفيل بوقف الحوار المفتوح فوراً ، فهذه الكلمات قد تبدو وكأنها وسائل اتهام . وفي هذا الإطار إذا قالت لكم ابنتكم إنها ستتأخر في المدرسة لا ترددوا أمامها تلك المرادفات الاستفهامية بل استعيضوا عنها بعبارة :" حسناً ،

ملامحكم تخونكم سيطروا عليها .
حافظة على رباطة الجأش وبرودة الأعصاب ، لأن صدى الصوت وردات الفعل وتعابير الوجه قد تزعج ولدكم وتجعله يتوقف عن الكلام المباح ، وخصوصاً إذا شعر أن كلامه يسبب لمن تشوشاً ويخيب أملكم به .ولئلا تخونكم ملامحكم ثمة حيلة ، إن صح التعبير تساعدكم على إخفاء التأثيرات الطبيعية بأن تأخذوا مثلاً نفساً عميقاً قبل الكلام وهذا يمنحكم لحظة استرخاء قد تسترجعون خلالها السيطرة على أنفسكم .
الأولوية ... لهم
إنها السابعة تماماً ، وأطباق الصحون المتسخة كثيرة وأكوام الغسيل والكيّ تنتظر في الردهة الأساسية . وفي خضم كما هذه الصور تقترب ابنتك ،وتبدو كمن يحاول أن يتكلم ولا يعرف من أين يبدأ . اهتمي بها وأهملي كل الأشياء الأخرى . الأطباق يمكن أن تنتظر . اجلسي جنبها حول طاولة المطبخ وأظهري اهتمامك الزائد بما تقول مهما كان الموضوع تافها . وتذكري أنه ليس سهلاً على أي كان أن يتكلم ويفضي بمكنوناته إلى شخص يبدو مشغولاً أو سارح الفكر . واللافت أن الكبار يفكرون دوماً بأعباء الغد والأعمال المتراكمة في حين يعتبر الصغار أن اللحظة التي يمرون فيها هي كل حياتهم.

التعاطف في لحظات الغضب
إذا أصرت ابنتكم المراهقة على الذهاب إلى السينما ، على رغم معارضتكم الشديدة ، وأثناء عودتها ارتطمت السيارة التي تقودها بحجر، ستشعر في هذه الحال أنها ورطة وستحاول طلب المساعدة من المارة قبل أن تقصدكم . صحيح أن الحادثة ستثير غضبكم ، لكن عليكم المحافظة في تلك اللحظات على رباطة جأشكم وتظهروا تعاطفكم معها لأن الأولاد وخصوصاً المراهقين يأملون في قرارة أنفسهم أن تتعاونوا معهم في المحن ويخشون جداً أن تتوقفوا عن حبهم بسبب خطأ ارتبكوه .

المراهقة والخصوصية
يرغب كل ولد ، مهما كان منفتحاً ، ببعض الخصوصة . يرفض مثلاً أن يفتح والده غرفة نومه قبل أن يقرع الباب أو أن تبحث والدته عن شي ما في درجه ،وتزيد هذه الحالة في عمر المراهقة ، فحينها يشعر الأولاد أنهم بحاجة إلى الإنفصال قليلاً عن والديهم والإنخراط أكثر بأصدقائهم . وفي هذا العمر لا تتوقعوا من ولدكم أن يرتمي في أحضانكم كما كان يفعل قبل بضعة أعوام لأنه ، في قرارة نفسه . يعتبر نفسه كبيراً ويطلب منكم أن تعتبروه أيضا كذلك .

أسرارهم أمانة حافظوا عليها
إذا أفشيتم ،أنتم الكبار ، سراً ما إلى صديق وبدوره أفشاه تبتعدون عنه أو في أحسن الأحوال تتجنبون التعبير أمامه ثانية عن حقيقة ما يختلج في قلوبكم . وهكذا أطفالكم ، إذا وثقوا بكم وأخبروكم عن شيء ما طالبين عدم الإفصاح عنه ، لانفعلوا .حافظو عليه جيداً ، لأن لا شيء يؤثر في ثقتهم بكم ويفقدها قدر ما تفعل الثرثرة وإفشاء أسرارهم مهما كانت برأيكم صغيرة .



.